لقد قاد خصوم الإسلام حملةً ضده، متهمين إياه بأنه لا يتقبل الآخرين، ولا يؤمن بالتعددية، ويسعى إلى إقصاء كل الأفكار والأديان والحضارات والمذاهب والدول؛ فلا يبقى إلا الإسلام كدين ودولة وحضارة وثقافة؛ فهل حقًا يسعى الإسلام لذلك؟ أما المسلمون فيتهمون خصومهم أنهم يهمّشونهم ويضطهدونهم، وأنهم يخوضون حربًا عسكرية واقتصادية وسياسية وفكرية ضدهم، تهدف إلى إقصائهم، بل وإلى استئصالهم، واستبدال دينهم الإسلامي بالعلمانية، وذوبانهم في خضم العولمة، التي ينشرها الغرب العلماني، فما صحة ادعاءات غير المسلمين ضد الإسلام، وما صحة ادعاءات المسلمين ضد خصومهم؟
إن صورة (موسى ) وأخيه (هارون ) عليهما السلام، في الثقافة الإسلامية والقرآن، هي صورة حبيب الله الذي صنعه على عينه وقرّبه، واستخلصه لنفسه، وجعله كليمه ونجيّه، وجعله القوي الأمين، وآتاه الفرقان والسلطان: "وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني "، "واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصًا وكان رسولًا نبيًا "، "وكلم الله موسى تكليمًا "، "إذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون "، "وآتينا موسى سلطانًا مبينًا ".
ونصوص القرآن لم يتركها المسلمون مجرد نصوص محصورة بين دفّتَي المصحف، وإنما وضعوها في الممارسة والتطبيق، منذ عصر النبوة، وعبر تاريخ حضارة الإسلام؛ ففي دستور دولة (النبوة ) بالمدينة، نجد أن النبي اعتبر اليهود أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، إلا من ظلم وأثم؛ فإنه لا يهلك إلا نفسه وأهل بيته.
واليهود هم من نقض العهد أثناء حصار الأحزاب للمدينة، وتعاونوا مع المشركين ضد دولة (الإسلام ) الناشئة، طمعًا في استئصالها، ثم تواصلت خيانتهم ومساعيهم لجمع كلمة الشرك والوثنية ضد التوحيد الإسلامي ودولته وأمته، عارضين ثمار (خيبر ) على قبائل الشرك كي تأتى لتقضي على دولة الإسلام، وقالوا للمشركين: دينكم خير من دينه؛ فأنتم أولى بالحق! وفي ذلك نزل قوله تعالى: "ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلًا "، ولقد أجلى المسلمون هذه الطائفة الخائنة فقط من المدينة؛ لتأمين دولتهم، ولم يُحمّلوا بقية اليهود جُرم ما اقترفه إخوانهم.
أما اليهود فقد استحوذت عليهم (النزعة العنصرية )، التي جعلتهم يُحوّلون اليهودية عن روح الدين الإلهي إلى (نسق فكري عنصري ) جعلتهم يرفضون الآخر، كل الآخر؛ فقد استقوا تعاليمهم من (التلمود )، وليس من (التوراة )، وزعموا احتكارهم للجنة: "وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين "، وكانوا أكثر الناس عداءً للإسلام وأهله: "لتجدن أشد الناس عداوةً للذين آمنوا اليهود والّذين أشركوا "، وجعلوا حرمة الدماء مقتصرةً على الدم اليهودي، واستباحوا كل ما دونه من الدماء، وحرّموا على أطبائهم نجدة المرضى غير اليهود، أو المساعدة في ولادة امرأةٍ غير يهودية في يوم السبت، ولو فعل الطبيب شيئًا من ذلك فهو آثم، إلا إذا خاف من ردود فعل أهل المرضى، أو كانت لليهود مصلحة تتحقق بسبب فعله. والآن يعتبرون الفلسطينيين كالعماليق (الذين دخل عليهم اليهود الأرض المقدسة وورثوها منهم ) يجب إبادتهم من على وجه الأرض.
أما المعاملات المادية؛ فاليهود يُحرِّمون النصب والخداع مع اليهود ويُبيحونه مع (الأغيار ) - والمقصود بالأغيار كل من ليس يهوديًا -، ويحرّمون الربا بين اليهود ويوجبونه عند إقراض (الأغيار )، ويُحرّمون بيع العقارات في أرض (إسرائيل ) لغير اليهود، ويُحرّمون ولاية (الأغيار ) أو مهاداتهم. ومن عقائد (الحركة الحسيدية ) الّتي هي استمرار للصوفية اليهودية، أنّ غير اليهود مخلوقات شيطانية، ليس بداخلها شيئًا جيدًا على الإطلاق، حتى جنين غير اليهودي يختلف نوعيًا عن جنين اليهودي، كما أن وجود غير اليهودي مسألة غير جوهرية في الكون، فقد وُجِدَ الخلق من أجل اليهود فقط.
وعمّت هذه العنصرية، حتى عند الملاحدة واليساريين اليهود؛ فقد تحوّل هذا الفكر الديني إلى ثقافة ينتمي إليها كل اليهود. تلك هي اليهودية التي نواجهها، والتي أفرزت هذه العنصرية المتوحشة ضد كل ما ليس يهودي، وهي يهودية لا علاقة لها بيهودية (موسى ) عليه السلام، كما أن هؤلاء اليهود لا علاقة لهم ببني إسرائيل، الذين فضلهم الله على العالمين، عندما حملوا رسالة (موسى )عليه السلام.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان